المواضيع الأخيرة
» عريش وديكورات تصاميم و صور مشبات وتراث بافضل العروض واحدث المساتمن طرف عمل مشب الثلاثاء فبراير 05, 2019 11:13 am
» تجهيز اجنحة معارض - ستاندات سهلة الفك والتركيب
من طرف mohamed berry الأربعاء يناير 30, 2019 10:37 am
» أفضل الطرق لتنسيق ملابس الشتاء للمحجبات
من طرف Ashraf الإثنين نوفمبر 26, 2018 9:37 am
» تعلن شركة ناب للدعاية والاعلان عن توفير ستاندات المعارض والمؤتمرات
من طرف mohamed berry الأربعاء أكتوبر 31, 2018 12:24 pm
» رول اب ستاند roll up stand
من طرف mohamed berry السبت أكتوبر 13, 2018 10:07 am
» ستاندات معارض ومؤتمرات
من طرف mohamed berry الإثنين يوليو 30, 2018 9:59 am
» فيلم الدراما Mary Magdalene 2018 مترجم
من طرف ندى صبرى الخميس يونيو 28, 2018 8:08 pm
» اهمية اتنظيف الخزان للحفاظ على صحة اطفالنا
من طرف nour mousa الجمعة مايو 18, 2018 8:40 am
» خطوات ونصائح لتنظيف منزلك بالكامل سريعا
من طرف nour mousa الجمعة مايو 18, 2018 8:39 am
» الفوائد الصحية للتنظيف بالبخار
من طرف nour mousa الجمعة مايو 18, 2018 8:37 am
دخول
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
tatamoun | ||||
روعة الحياة | ||||
همسة مشاعر | ||||
*perle blanche* | ||||
ƒŎŨảḊ.Ḿ | ||||
أميرة بكلمتي | ||||
همس الرقراق | ||||
انتصار | ||||
wassan | ||||
الزهور الملكية |
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1338 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو Mero Mohamed فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 27286 مساهمة في هذا المنتدى في 4447 موضوع
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
أفضل الأعضاء الموسومين
لا يوجد مستخدم |
المواضيع الأكثر شعبية
أفضل 10 فاتحي مواضيع
روعة الحياة | ||||
tatamoun | ||||
همسة مشاعر | ||||
أميرة بكلمتي | ||||
دورات | ||||
ƒŎŨảḊ.Ḿ | ||||
*perle blanche* | ||||
wassan | ||||
ربيع سوفت | ||||
همس الرقراق |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
+6
نادين
انتصار
yasser
Siham
jihane
tatamoun
10 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة
إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت
إلى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية:
- الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتري بطاقتي
سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة
السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة، وتريد أن تنتظر
الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها:
- هذا يورو وأعطها البطاقة. وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود
إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها
تريد أن تشكرني، إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني
اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق، فقالت لي بصيغة الأمر:
- احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة
ليس لها مثيل. بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ
منذ ساعة وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد:
أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن!
لكن السيدة منعتني و جلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف،
فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي
وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي،
حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها،
فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: - كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
- صبري على ماذا؟
- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
- لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي.
- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم
أعرضها على غيرك؟
- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد
يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال
عندما نعطيهم بعض النقود وقالت:
- أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة، جئت من مدينتي
لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما
يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني
يورو واحد زيادة، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة،
ولم أكن أدري أنه ممنوع. أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى
بعدما رأيت شهامتك، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك.
الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط،
سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: - أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك، لكن أين
البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
- "بَسْ دقيقة".
- سأنتظر دقيقة.
- لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
- ما فهمت شيئاً.
- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟
- ربما.
- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً، عندما تفكر به وعندما تصل
إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية، ستين ثانية.
هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير
أمور كثيرة، ولكن بشرط.
- وما هو الشرط؟
- أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية
والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال
هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف
الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه.
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له
عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك
لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قد تكون كارثية.
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك.
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من
دقيقة واحدة؟
- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.
- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر.
والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتهبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة:
- هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع
أن أطلب واحد يورو من أحد.
- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة
مقعدي وهي تمسك بيدي قائلة:
- اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها : "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر
رحلاتي سعادة، حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة
عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها
كي يأتي إلى المحطة ليأخذها، ثم التفتتْ إليّ قائلة:
- على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع
ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك
من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو، والثانية منها تقول فيها:
- كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك
فأجزيكَ على حسن فعلتك. إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي
فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك. فرددتُ عليها برسالة قلت فيها:
-عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أتجرأ
أن أقولها لك، أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة
واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.
"بس دقيقة"...
حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر
فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟
منقوول
إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت
إلى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية:
- الناس ينتظرون، أرجوكِ تنحّي جانباً.
فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتري بطاقتي
سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة
السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة، وتريد أن تنتظر
الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها:
- هذا يورو وأعطها البطاقة. وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود
إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.
اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها
تريد أن تشكرني، إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني
اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق، فقالت لي بصيغة الأمر:
- احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.
كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة
ليس لها مثيل. بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،
ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.
حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ
منذ ساعة وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد:
أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن!
لكن السيدة منعتني و جلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف،
فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي
وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي،
حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها،
فالتفتُ إليها.
عندها تبسمتْ قائلة: - كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.
- صبري على ماذا؟
- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.
- لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي.
- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.
- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.
- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم
أعرضها على غيرك؟
- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟
- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.
- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟
- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد
يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.
أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها.
لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر،
وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي.
مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء،
أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.
أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال
عندما نعطيهم بعض النقود وقالت:
- أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة، جئت من مدينتي
لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما
يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني
يورو واحد زيادة، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة،
ولم أكن أدري أنه ممنوع. أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى
بعدما رأيت شهامتك، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك.
الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط،
سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.
قاطعتُ المرأة مبتسماً: - أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك، لكن أين
البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟
- "بَسْ دقيقة".
- سأنتظر دقيقة.
- لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.
- ما فهمت شيئاً.
- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟
- ربما.
- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة.
في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً، عندما تفكر به وعندما تصل
إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية، ستين ثانية.
هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية؟
في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير
أمور كثيرة، ولكن بشرط.
- وما هو الشرط؟
- أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية
والمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،
فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال
هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف
الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه.
إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له
عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.
دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك
لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قد تكون كارثية.
دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك.
دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك،
وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...
هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من
دقيقة واحدة؟
- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.
- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر.
والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.
أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة،
لأنتهبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة:
- هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي،
فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع
أن أطلب واحد يورو من أحد.
- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟
- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.
علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة
مقعدي وهي تمسك بيدي قائلة:
- اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!
وأنا أقول لها : "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...
لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر
رحلاتي سعادة، حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة
عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.
قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها
كي يأتي إلى المحطة ليأخذها، ثم التفتتْ إليّ قائلة:
- على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.
فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع
ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك
من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو، والثانية منها تقول فيها:
- كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك
فأجزيكَ على حسن فعلتك. إن شئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي
فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك. فرددتُ عليها برسالة قلت فيها:
-عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أتجرأ
أن أقولها لك، أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة
واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.
"بس دقيقة"...
حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر
فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟
منقوول
tatamoun
نبض الرقراق- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 2942
النقاط : 5169
تاريخ التسجيل : 10/03/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
قصة ذات ابعاد انسانية وفلسفية عميقة..
لا يدركها الا من احاط بادق تفاصيل كلام المراة المسنة..
بارك الله فيك حبيبتي طاطامون
وجعله في ميزان حسناتك
وياليتنا نعرف قيمة الوقت
دمت بسعادة
لك محبتي وتقديري
jihane- مشرفة منتديات الابداع الادبي
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 463
النقاط : 499
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
حوار شيق اكسب القصة متعة كبيرة
وكشف عن البعد الانساني لمغزى القصة
شكرا جزيلا لك عزيزتي طاطامون
ودام لك الالق والمتعة
لك محبتي
Siham- مشرفة منتديات الانسان والحياة
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 188
النقاط : 198
تاريخ التسجيل : 31/12/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
ثقافة التأني وبس دقيقة ليست بالمسألة السهلة في ذاكرتنا العربية
نحن نتخذ قراراتنا بارتجالية مفرطة قد تودي بمستقبل انسان او حياته
لاتظني انني ابالغ فقد مرت علي خلال السنوات الماضية مآسي لو ادرك اصحابها كم قيمة دقيقة التفكير لاشتروها بكثير من الدولارات او اليوروات
كمثال شاب يختلف مع ابن عمه على امر تافه لم تسعفه الدقيقة فاغمد خنجره في قلبه والان احدهما يتوسد التراب والاخر محكوم اثني عشرة سنة ..
لو احتكما للدقيقة لضحكا من سبب الخلاف
وكأن قصتك تجرنا غصبا الى لغة الحوار
نحن ابناء الصحارى امتزجت حرارة الشمس بدمائنا والغت معها ثقافة التأني
لم نتثقف بالكيفية التي نتخذ بها قراراتنا ..فكانت وليدة الارتجالية والعاطفة
ويالها من مآسي ....فقط لو كانت تلك اللحظة الزمنية (الدقيقة) حاضرة
دقيقة بس
شكرا جزيلا لك اختي طاطامون على هذا الانتقاء الجميل
وجزاك الله خيرا
ودمت بالق
لك تقديري وتقبلي مروري المتواضع
yasser- رقراق نشـــــــيط
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 565
النقاط : 780
تاريخ التسجيل : 08/07/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
بارك الله فيك عزيزتي طاطامون على القصة القيمة
وجزاك الله عنا كل الخير
دمت بالق
لك محبتي وتقديري
انتصار- ادارة المنتدى
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 829
النقاط : 887
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
tatamoun
نبض الرقراق- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 2942
النقاط : 5169
تاريخ التسجيل : 10/03/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
قصة شيقه وجمعت فوائد عديدة
حكمة لا تقدر بثمن
سلمت يداك حبيبتي طاطامون
ودمت متميزة
لك محبتي
نادين- مشرفة منتديات التربية والتعليم
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 742
النقاط : 800
تاريخ التسجيل : 12/03/2010
العمر : 32
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
سرد ممتع وتسارع وثيرة الاحداث
بشكل منتظم وسلس
وفوائد كبيرة من حيث المضمون
فعلا قصة جميلة جدا
بارك الله فيك غاليتي طاطامون
ودمت راقية
لك محبتي وتقديري
همس الرقراق- رقراق نشـــــــيط
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 941
النقاط : 1112
تاريخ التسجيل : 07/05/2010
العمر : 34
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
تروق لي ذائقتك الادبية حد الهوس
لما تثويه من حكم وقيم انسانية ساحرة بكل الالوان
لا جف حبر مدادك اختي طاطامون
فدومي للاشراق ملائته
لك معزتي الشاسعة
*/*فؤاد*/*
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
دمت متالقة عزيزتي
دمت متالقة عزيزتي
hanzada- رقراق فعال
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 77
النقاط : 154
تاريخ التسجيل : 29/12/2010
العمر : 32
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
جَزآكـَ الله عزيزتي طاطامون جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـْ وَجَعَلهُ في مَوآزينَ حَسنآتكـْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـْ بآلريآحينْ
دمْتَ بـِ طآعَة الله
لك محبتي
wassan- مديرة التواصل الاداري
- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 752
النقاط : 1126
تاريخ التسجيل : 21/02/2010
رد: بَسْ دقيقة / بقلم : محمد عبد الوهاب جسري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
tatamoun
نبض الرقراق- الجنـــــــــس :
عدد المساهمات : 2942
النقاط : 5169
تاريخ التسجيل : 10/03/2010
مواضيع مماثلة
» اصعب 12 دقيقة في الحياة
» تغيير الساعة القانونية بالمغرب بإضافة 60 دقيقة
» أرزاق بقلم: محسن العبيدي
» الثروة الحقيقية. بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
» محمد زفزاف
» تغيير الساعة القانونية بالمغرب بإضافة 60 دقيقة
» أرزاق بقلم: محسن العبيدي
» الثروة الحقيقية. بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
» محمد زفزاف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى