تصحيح قصيدة ادريس الجاي موضوع الامتحان الوطني للغة العربية -الدورة العادية -2010

من طرف Nisrine الجمعة مارس 02, 2012 7:10 pm

تمثل القصيدة موضوع الاشتغال نموذجا رومانسيا و كما هو معلوم الرومانسة خطاب شعري ظهر كرد فعل على تهميش الذات وإقصائها وعدم اعتبارها كمصدر للإلهام الشعري. وكان وراء ظهور هذا الخطاب صعود الطبقة البورجوازية وتأثر المفكرين والأدباء بالنزعة الليبيرالية وما يتعلق بها من قيم علاوة على التخلف السياسي وضعف البنيات الاجتماعية والاقتصادية والانفتاح على الأدب الفرنسي والأنجليزي. وتحمس لهذا الخطاب إبداعا ونقدا في المشرق والمغرب مطران خليل مطران ومحمود علي طه وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وأبو القاسم الشابي وعبد الكريم بن ثابث وإدريس الجاي. هذا الأخير ساهم بدوره في إغناء التجربة الرومانسية مخلدا إسمه على غلاف ديوانه " السوانح". ومنه استمد النص قيد الدراسة والتحليل. فما موضوعه؟ وما هي المكونات الفنية التي توسل الشاعر بها لتجسيد رؤيته نحو ذاته في علاقته بالمحيط ؟؟ وإلى أي حد يمثل النص خطاب سؤال الذات؟
يتكون عنوان القصيدة من جملة إسمية مكونة من مبتدإ محذوف (هذا) ومن خبر معرف موصوف بصفة الفقدان. ومن إيحاءات الفردوس الجنة النعيم السعادة الطبيعة الجمال والصفاء والمثال. هذه الدلالات التي تم الإيحاء بها يفتقدها الشاعر. من هنا نفترض أن طابع التجربة طابع مأساوي يمثل حزنا عميقا ، وهذا الحزن انطبع بدوره على الغاب(يباب- السحاب)، الأمر الذي يجعلنا نفترض التماثل بين حالة الشاعر والطبيعة. وقبل تمحيص الفرضيتين لابد من ملامسة موضوع القصيدة ورصد متعلقاته.
لقد شكل عالم الغاب للشاعر فضاءا لذكرى تجربة الحب والشباب و في نفس الآن ملاذا للبوح بحيرته وملجأ للشكوى، بفعل التقلب والتغير كسمة من سمات الحياة .فأصبح الحب سرابا، والخضرة والخصب يبابا ونضوبا. ولم يعد الشاعر يستظل بظلال الأدواح بل بظلال السحب تعبيرا عن معاناته.
إن هذا التقلب الذي طبع الذات والغاب كان وراء اتكاء الشعر في بناء قصيدته على حقلين دالين:
حقل يخص العالم الداخلي للذات: الهوى-التصابي- قضينا- وقفت- حيران- أشكو- سألت- ذكريات عذاب-الحب-
وحقل يتعلق بالطبيعة: الغاب-هناك- الجنادل-صخور-الوادي-الهضاب-الجذوع- الأعشاب- الرياح-.....
وهذه المزاوجة بين الحقلين تعني ضمن ما تعنيه أن الذات مثلت بؤرة الاهتمام لدى الشاعر الرومانسي فطغى البعد الوجداني الحافل بأحاسيس الغربة والكآبة وعاطفة الحب كما تعني اندماج الذات في الطبيعة التي لم تسلم بدورها من التغير: من ربيع وكوثر إلى قفر يباب. ويتضح من خلال المعجم استقاء الشاعر لغته من لغة الحياة: الذات والطبيعة وليس من الموروث الشعري القديم . ويعد هذا علاوة على موضوع القصيدة، مظهرا من مظاهر التطور والتجديد، الذي عرفته القصيدة العربية.
ولا ينطبق هذا الحكم فقط على الموضوع والمعجم بل يسري كذلك على مكون الصور الشعرية. وتحقيقا للوظيفة التعبيرية الإيحائية التي تلعبها الصور.توسل الشاعر بالاستعارات، موحدا بين العناصر المتنافرة في الواقع ،المتجانسة في الكون الشعري ،سبيل الشاعر في ذلك خياله الخلاق الجامح. وتكفي الإشارة إلى بعض هذه الاستعارات- من مثل:" قضينا ربيع الشباب- عفت رسوم هوانا- لم يبق من كوثر الحب غير لمع سراب-"- لنقف على دلالات :الحب والجمال والزمن الوضاء ،كمميزات لمرحلة الشباب(ربيع الشباب) ،ولنقف على تغير سعادته ـ وتحولها إلى شعور بمرارة الوحدة والاغتراب والكآبة ( عفت رسوم هوانا) ( لم يبق من كوثر الحب غير لمع سراب ). هكذا إذن ذابت المفارقات بين الألفاظ التي تم شحنها الشاعر بدلالات جديدة لتنسجم مع تجربته الذاتية.
و حرصا على بيان حالته ، وتعرية عالمه الداخلي ،استند الشاعر إلى الجمل الفعلية لدرجة أن كل بيت لايخلو من الفعل وأحيانا قد يتكرر نفس الفعل في نفس الموقع ولكن في بيت آخرمثل" وقفت"- "سألت"-" لم يبق" وهذه الأفعال إما أنها تدل على الحالة " أشكو" والشكوى قد يتم التعبير عنها قولا:" سألت- قلت" أو أنها تدل على التحول والصيرورة إلى حالة أخرى مثل" لم يبق". ويعني هذا غياب الأفعال الدالة على الحركة باعتبارها معادلا موضوعيا لحياة الإيجاب لا السلب.
ونظرا للتشابه( المضارعة) الحاصل بين التحول الذي عرفه العالم الداخلي للشاعر وحالة الغاب فإن الشاعر ركب بحر المضارع المجزوء: مفاعلن فاعلاتن إذ تم حذف الجزء الثالث من التفعيلات(مفاعيلن) في الصدر والعجز مع مراعاة التغيرات التي تلحق التفعيلات كالقبض (حذف الخامس الساكن)في مفاعيلن والالتزام بوحدة القافية والروي. وعلى ذكر القافية فقد جاءت مطلقة موصولة مردوفة بالألف وجاء الروي صوتا شفويا مجهورا شديدا تعبيرا عن ضيقه وجهرا بألمه عبر تكرير السؤال: سؤال الذات عما ألم بها. وأغنى الشاعر الموسيقى الخارجية بإيقاع داخلي ناجم عن الترديد مع الاهتمام بالموقع(هناك: البيت الأول والثاني) (سألت: البيت الرابع والخامس)(لم يبق:البيت الثامن والتاسع والعاشر) والتوازي النسبي في البيتين الرابع والخامس: فكل وحدة معجمية في البيت الرابع توازيها وحدة معجمية نحويا في البيت الخامس باستثاء آخر البيتين الذي تمت فيه المخالفة: معطوف مضاف في مقابل معطوف غير مضاف. والتوازي التام في البيت الثامن والتاسع . ولاننسى في هذا المقام الإشارة إلى ظاهرة التدوير التي وسمت الأبيات التالية:الأول- الرابع- الخامس-السادس-الثامن-التاسع-العاشر الثاني عشر. ويعني هذا أن هناك انسيابا دلاليا ونظميا يتجاوز الوقفة الوقفات العروضية.
وختاما نجزم جزم اليقين أن القصيدة تمثل الخطاب الشعري: سؤال الذات تمثيلاا فعليا وبدرجة كبيرة وهذا الحكم مرده إلى :
تشكيل الذات محور القصيدة
تفاعل الشاعر مع الطبيعة واندماجه معها
استخدام لغة الحياة والبعد عن لغة القواميس
الاعتماد على التشخيص والخيال الجامح في خلق الصور
شعر وجداني ذاتي يحضر فيه ضمير المتكلم المفرد بشكل قوي ...

من طرف Soraya السبت مارس 03, 2012 5:54 pm

من طرف Nisrine السبت مارس 03, 2012 6:23 pm

الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت	الأحد
1	2	3	4	5	6	7
8	9	10	11	12	13	14
15	16	17	18	19	20	21
22	23	24	25	26	27	28
29	30

تصحيح قصيدة ادريس الجاي موضوع الامتحان الوطني للغة العربية -الدورة العادية -2010

تصحيح قصيدة ادريس الجاي موضوع الامتحان الوطني للغة العربية -الدورة العادية -2010

رد: تصحيح قصيدة ادريس الجاي موضوع الامتحان الوطني للغة العربية -الدورة العادية -2010

رد: تصحيح قصيدة ادريس الجاي موضوع الامتحان الوطني للغة العربية -الدورة العادية -2010