لولا جرادة ما وقع عصفور

من طرف tatamoun الأربعاء فبراير 08, 2012 10:34 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يُحكى أنه كان هناك شيخٌ يُدعى عصفور، وكانت له زوجة تُدعى جرادة،

وكانا يعيشان في البادية حياة فقرٍ وعوز بعد أن أصاب القحط

أرضهما و باعا كل ما يملكان. في أحد الأيام أشارت جرادة على عصفور

أن ينزل إلى المدينة المجاورة ليبحث له عن عمل. مضت أسابيع و لم يجد

عملا فأشارت عليه ثانية أن يشتغل كساحر ويجلس على الرصيف يحكي ما

شاء له من الكلام ، علّه يأتي ببعض النقود في نهاية اليوم ليشتروا

بها ما يقتاتون به. وافق عصفور على رأي زوجته وذهب في اليوم

التالي إلى المدينة ثم جلس على الرصيف وبسط أمامه منديلاً وضع عليه

رملا وأخذ يخُطُّ عليه بأصابعه وكأنه يتقن أسرار هذه الصنعة ،

فتهافت الناس عليه، كلّ يسأله عن حلٍّ لمشكلته ، وهو يلقي الكلام

على عواهنه بعفوية وبساطة وكيفما اتفق ، ولكنه كان كثيراً ما

يصيب. وكان يعود في نهاية اليوم وقد جمع كثيراً من النقود حتى تحسّنت

حالته. دام على ذلك فترة طويلة من الزمن اكتسب خلالها شهرة واسعة،

واكتسب كذلك جرأة على العمل في هذا المجال وحدث في أحد الأيام أن

سطت عصابةٌ من اللصوص على خزينة الملك وسرقوا منها صندوقين من

المال ، فدعا الملك وزراءه وتشاوروا في الأمر وقرروا البحث عن ساحر

يضرب الرمل ليكشف لهم عن مكان الصناديق المسروقة ويكشف عن

السارقين أيضاً، ولما كان عصفور قد اكتسب شهرة واسعة فقد وصلت

شهرته إلى مسامع الملك وحاشيته ، فأمر بإحضاره وطلب منه الكشف

عن مكان الصندوقين واللصوص .

أُسقط في يد عصفور ولم يدر ما يعمل وطلب مهلة من الملك

ليدبر أموره ويضرب الرمل ويستشير أعوانه ، فأعطاه

الملك مهلة أربعين يوماً. ولما كان عصفور لا يعرف

الحساب ولا يحسن العَدّ، أخذ زوجته إلى السوق واشترى أربعين حبةً

من الرمان ليأكل كل ليلة رمانةً منها فيعرف ما تبقّى

من أيام المهلة. سمع اللصوص الخبر وكانوا أربعين لصا وزعيمهم

و لسمعة عصفور الخطيرة، خشوا من افتضاح أمرهم وأيقنوا أنه كاشف

عنهم لا محالة فقرروا مراقبته. في الليلة الأولى طلب زعيم

اللصوص أن يذهب أحدهم إلى بيت عصفور ويتجسّس الأخبار

ويحاول أن يسمع ما يقوله... قبل أن ينام عصفور طلب من زوجته

أن تحضر رمانة ليأكلوها لانقضاء أول ليلة من أيام المهلة ،

وعندما أحضرتها قال عصفور بصوت مرتفع و هو يتحسر على مصيره

بعد المدة المقررة من طرف الملك، هذا أول واحد من الأربعين

وهو يقصد أول يوم من الأربعين يوماً ، ولما سمع اللص

ذلك سقط قلبه في جوفه من الخوف ، وظن أن عصفور

قد شعر به وعلم بوجوده ، فهرب وعاد إلى زعيمه

يخبره بما سمع وكيف شعر به الساحر وعلم بوجوده دون

أن يراه. وفي الليلة التالية بعثوا لصا آخر ليتجسّس

أخبار عصفور، وعندما أحضرت الزوجة الرمانة قال هذا

ثاني واحد من الأربعين، وحدث مع اللص الثاني كما

حدث مع الأول، ودام الحال على ذلك عدة ليال حتى ضج

اللصوص من الخوف واقشعرت أبدانهم ولما لم يرضَ أحدٌ منهم

بالذهاب إلى بيت عصفور ليقينهم أنه سيكشفهم، قرّر

الزعيم الذهاب بنفسه والتأكد من قوة الساحر وفي المساء

أحضرت الزوجة رمانة كالمعتاد فأمسك بها وكانت كبيرة

فصاح عصفور هذه أكبر رأس في الأربعين وهو يقصد حبّة

الرمان ، أما الزعيم فظن أنه يقصده لأنه أكبر واحد في

العصابة وهو زعيمهم فخاف وعاد إلى أصحابه مرتجفا، و

بعد التشاور، وقرروا اللجوء إلى عصفور، الذي

تفاجأ لما حصل، حيث أبدوا عن رغبتهم في إعادة

الصندوقين وتسليم أنفسهم على أن يطلب من الملك أن

يخفف عنهم الحكم، وهكذا فعلوا ، فسلمهم عصفور في اليوم

التالي إلى الملك وطلب منه أن يخفّف عقوبتهم. وطار

صيت عصفور بعد ذلك وانتشر خبره وعمّت شهرته كلّ

أرجاء المملكة وأصبح ساحر القصر بلا منازع. وفي

يوم من الأيام، سألته الملكة وكانت حاملاً وعلى وشك

الوضع : هل تعرف أين ألد يا عصفور؟ فكّر عصفور مليّاً

ولما لم يعرف الجواب قال : لا فوق ولا تحت، وكانت

محاولة منه للتهرب من الجواب و لكن الحظ خدمه هذه

المرة أيضا إذ لما همت الملكة بصعود الدرج، سابقها

الطَّلْق ووضعت قبل أن تصل إلى غرفتها، فصاحت

بإعجاب: صدق عصفور فقد تنبأ لي بذلك وكافأته

وأحسنت إليه .أما الوزير فكان يشك في صدق عصفور

ويغار منه للحظوة التي نالها عند الملك، و كان

لا يكف عن الترديد أمام الملك بأن عصفور ما هو

إلا دجال كاذب. وفي أحد الأيام، سنحت له

الفرصة أن يمتحن عصفور ويوقع به حيث كان الملك

ووزرائه مجتمعون و إذا بجرادة تمر أمام شرفة القصر

وعلى مرأى من الملك ووزرائه انقض عليها عصفور الملك

وابتلعها. ولأنها كانت كبيرة، وقفت في حلقه فاختنق و

وقع ميتا. فكّر الوزير بمكيدة يوقع بها عصفور فقال

للملك: إن كان ساحرك ماهراً فدعه يخبرنا كيف مات

هذا العصفور. أراد الملك أن يثبت لوزرائه قوة ساحره

فأمر بإحضاره وسأله عن سبب ميتة العصفور. عرف

عصفور بالمكيدة لأنه كان يعرف كراهية الوزير

له، وأحس بنهايته فجعل يندب حظّه ويلوم زوجته التي

أشارت عليه وأوقعته في هذا المأزق، وقال وهو يجهش

بالبكاء: آه يا سيدي، لولا جرادة ما وقع عصفور، لولا

جرادة ما وقع عصفور، وهو يقصد لولا جرادة زوجته

لما وقع هو في هذا المأزق . ظن الملك والوزراء أنه

يقصد لولا الجرادة التي وقفت في حلق العصفور لما

وقع ومات، ففرح الملك بمهارة عصفور و أمر بمكافئته

في حين فشلت مكيدة الوزير. أما عصفور فلم يفهم إلا

لاحقا ما حصل، ففرح بخلاصه بعد أن كان لا يصدق بالنجاة.ه

هذه قصة المثل "لولا جرادة ما وقع عصفور" وهذا

المثل يقوله من يقع في ورطة أو مأزق بعد أن يستمع

الى مشورة بعض الناس الذين يغررون به ويوقعونه

في مواقع الردى والمهالك و علينا أن لا نغتر

بحظ عصفور، فمهما طال الزمن سيقع لا محالة

منقول بتصرف

قصة رائعة ومميزة
قراتها باستمتاع
وتمنيت ان يكون حظي مثل حظ هذا البطل
بارك الله فيك عزيزتي طاطامون
على ما تقدمينه من خدمات
وسدد الله خطاك
دمت بخير
لك محبتي

من طرف **Siham** الأربعاء فبراير 08, 2012 2:06 pm

يا سبحان الله

قصة شيقة وممتعة

جزاك الله عنا كل الخير حبيبتي طاطامون

تقبلي مروري السريع

لك محبتي

من طرف tatamoun الأربعاء فبراير 08, 2012 7:12 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من طرف Miss3abir الأربعاء فبراير 08, 2012 8:31 pm

قصة جميلة ،جمعت بين الطرافة وبين الحقيقة والخيال
شكرا لك أختي الكريمة طاطامون.
تقبلي خالص مودتي و تقديري

من طرف **نادين** الخميس فبراير 09, 2012 6:22 pm

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
جزاك الله خيرا حبيبتي طاطامون
على هذه القصة الرائعة
وارجو من شباب اليوم ان ياخذوا العبرة منها
دمت بسعادة
لك محبتي

من طرف مــــــــلاك الخميس فبراير 09, 2012 6:41 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من طرف **ƒŎŨảḊ.Ḿ** الخميس فبراير 09, 2012 7:15 pm

اختي الغالية طاطامون

ارى انه نص ممتع استثمر بقوة الجانب الواقعي للغة

و استطاع ان يحقق امكانية القراءة من خلال مستويات متعددة

و ان يحتفظ بنكهة التواصل الاصيل مع مخيلة القارئ و أنفاسه

تتملكني النشوة كلما صادفت نصوصا من نفس السمفونية التي تعزفينها...

نلمس وترا كأنه لنا

لا أخفيك أني كلما نبشت في منتدى القصص الا و ازددت استمتاعا بذائقتك الادبية الساحرة

والمتفردة

مساهماتك احتفاء في حد ذاتها

في انتظار اطلالتك الحرفية القادمة

التي اتلهف لمصافحتها...

لك تحياتي ومعزتي

*/*فؤاد*/*