ظواهر أسلوبية تداولية 1 – الاتساق ( ا )

في المعنى اللغوي :
الاتساق لغة بمعنى التمام والكمال وترابط عناصر الشيء وأجزائه .. وهو على صيغة الافتعال من الثلاثي المجرد وسق .. وعليه نقول : نص متسق أي مكتمل الأجزاء والعناصر ومترابطها .. ومنه قوله عز وجل : .... الليل إذا غسق والقمر إذا اتسق .. أي اكتمل وصار بدرا ..
واصطلاحا هو مجموع الآليات ( الأدوات ) الظاهرة ( موجودة في النص / الخطاب ) التي تجعل نصا / خطابا ما قابلا للفهم والتأويل .. وهو من مسؤولية الكاتب ويشي بأسلوبه في الكتابة والتعبير .. وبذلك فهو ظاهرة أسلوبية .
يتوقف اتساق نص / خطاب ما على مدى قدرة الكاتب على توفير خاصية التناسق له وذلك بالربط بين أجزائه .. وبما أن النص جمل وفقرات ، فالربط بينها هو الكفيل بضمان اتساقه ..
- الربط بين الجمل :
الجملة سواء كانت فعلية أو اسمية أو رابطية هي علاقة إسنادية – حملية ..
* - سأل زيد عن عمرو .. جملة فعلية ..
هناك إسناد لفعل السؤال إلى زيد ..
فعل سأل مسند ( محمول ) prédicat
وزيد مسند إليه ( محمول عليه ) sujet ..
* - زيد نائم .. جملة اسمية ..
هناك إسناد صفة النوم إلى زيد .. زيد مسند إليه زنائم مسند ..
كان زيد نائما . جملة رابطية ..
إسناد صفة النوم إلى زيد ..
والجملة بحسب تركيبها نوعان :
جملة بسيطة phrase simple .. وهي من علاقة إسنادية واحدة ..
جملة مركبة phrase compsée ..وهي من علاقتين إسناديتن أو أكثر ..
1 – ربط الجمل بأداة :
* - كتب زيد رسالة ثم مزقها وكتب أخرى فقرأها عمرو..
هذه جملة مركبة لأنها تضمنت ثلاث علاقات إسنادية
إسناد فعل الكتابة والتمزيق لزيد ، فعل القراءة إلى عمرو ..
هذه الجمل تسمى بالجمل المعطوفة ( وظفت في تركيبها حروف العطف : ثم ، الواو ، الفاء ) ويكفي أن يضيف المتكلم أداة العطف ويستمر في إنتاج عدد لا نهائي من هذه الجمل ..
· - سأل زيد عمرو هل قرأ الرسالة ..
لدينا سأل زيد عمروا ، وهي جملة تامة استوفى فيها العامل اللفظي ( سأل ) حديه الموضوعين ..
ولدينا : هل قرأ الرسالة ، وهي أيضا جملة تامة ..
وبما أن حرف الاستفهام يولد في الأصل ( على مستوى البنية العميقة بالمنظور التوليدي التحويلي ) في صدر الجملة ، فإن بإمكانها الربط بين جملتين بغض النظر عما إذا كان الربط بإدماج أو بدونه ..
وكما نقول ’’ هل ‘‘ نقول ’’ أين ، متى ، كيف ، لماذا ..‘‘
· - استوعب زيد ما قرأه ..
لدينا : استوعب زيد .. وهي جملة غير تامة لأن فعل استوعب يحتاج إلى حد موضوع مفعول به تركيبيا ومتقبل دلاليا ..
بذلك فهذه الجملة غير التامة حمل مدمج ( بكسر الميم الثانية ) préposition principale
و لدينا : ما قرأه ، حمل مدمج ( بفتح الميم الثانية ) prépostion subordonnée وتتكون من الاسم الموصول الجامد ( ما ) ومن جملة الصلة ( قرأه ) .. والاسم الموصول وجملة الصلة حد موضوع مفعول به تركيبيا ومتقبل دلاليا للعامل اللفظي ’’ استوعب ‘‘ .. أي أن الاسم الموصول وجملة الصلة في محل نصب مفعول به لفعل ’’ استوعب ‘‘ ..
· - جاء من باع دمه ..
لدينا : جاء .. هو مجرد فعل لازم لا يرقى إلى مستوى الجملة لأنه يحتاج إلى فاعل .. عامل لفظي يحتاج إلى حد موضوع فاعل تركيبيا ومنفذ دلاليا .. وهو حمل مدمج ( pré .prin ) ..
ولدينا ’’ من باع دمه ‘‘ : اسم موصول جامد ( من بفتح الميم ) وجملة الصلة ’’ باع دمه ‘‘ .. والاسم الموصول وجملة الصلة حمل مدمج ( pré . sub ) وظيفته التركيبية فاعل والدلالية منفذ ..
ما يقال عن الاسم الموصول الجامد ( من ) و ( ما ) وجملة صلته يقال عن الاسم الموصول المشترك ( الذي ، التي ، اللذان ، اللذين ....) وجملة صلته إلا أن الأخير قد يكون جزءا من حد موضوع فاعل منفذ أو مفعول به متقبل ..
· - دخل عمرو حين خرج زيد ..
لدينا : دخل عمرو .. وهي جملة فعلية تامة لأن العامل اللفظي ’’ دخل ‘‘ استنفذ حده الموضوع الفاعل تركيبيا والمنفذ دلاليا وهو ’’ عمرو ‘‘ ..
ولدينا : خرج زيد .. وهي جملة فعلية ينطبق وصف سابقتها عليها .. وهي مصدرة ب ’’ حين ‘‘ التي تفيد الزمن – التزامن ..
’’ حين ‘‘ معلق دامج يدمج ’’ خرج زيد ‘‘ كجملة تامة في جملة ’’ دخل عمرو ‘‘ .. هو معلق دامج دال على الزمن ..
يمكن استبدال ’’ حين ‘‘ ب ( لما ، عندما ، بعد ما ، بعد أن ) كما يمكن استبدالها ب ’’ قبل أن ‘‘ إن كان العامل اللفظي ( الفعل ) في الحمل المدمج الذي يتصدره المعلق الدامج مضارعا ، وب ’’ قبل ‘‘ إن كان الحمل المدمج المصدر بالمعلق جملة اسمية مثل :
دخل عمرو حين خروج زيد أو ’’ عند ‘‘ خروج زيد ..
· - دخل عمرو لأن زيدا خرج ..
لدينا : دخل عمرو .. حمل مدمج ( بكسر الميم الثانية ) ..
ولدينا : زيدا خرج .. مصدرة ب ’’ اللام في لأن ‘‘ الدالة على العلة – السبب .. هي حمل مدمج ( بفتح الميم الثانية ) واللام معلق دامج ..
· - فتح عمرو الباب كي يدخل زيد ..
لدينا : فتح عمرو الباب .. ولدينا : يدخل زيد .. الجملة الأولى حمل مدمج ( بالكسر ) والثانية حمل مدمج ( بالفتح ) ، ولدينا ’’ كي ‘‘ وهي المعلق الدامج الدال على الهدف .. ويمكن استبدالها ب ( ل ، من أجل أن ، لكي ، ) كما يمكن استبدالها ب ( بهدف ، بغاية ..) إذا كان الحمل المدمج يالفتح جملة اسمية ( دخول الزيد ) ..
· - سيخرج عمرو إذا دخل زيد ..
لدينا : سيخرج عمرو كحمل مدمج بالكسر ، ولدينا ’’ دخل زيد ‘‘ كحمل مدمج بالفتح .. ولدينا ’’ إذا ‘‘ المعلق الدامج الدال على الشرط ..
· - جاء عمرو وهو يلهث ..
لدينا : جاء عمرو كحمل مدمج بالكسر ، ولدينا : وهو يلهث كحمل مدمج بالفتح ، ولدينا الواو + الضمير ( هو ) كمعلق دامج دال على الحال ..
يمكن الاستغناء عن المعلق الدامج الدال على الحال :
جاء عمرو يلهث ..
2 – ربط الجمل بدون أداة :
جاء عمرو يبحث عن زيد ..
لدينا : جاء عمرو ، ولدينا : يبحث عن زيد .. هما جملتان لا رابط بينهما سوى كون الثانية تقع صفة للحد الموضوع الفاعل المنفذ ( عمرو ) ..

يتبع ..
للاستاد نور الدين فاهي