الصورة الشعرية - التشبيه

الصورة الشعرية ( التشبيه ) .لا نكاد نعثر على تعريف جامع مانع للصورة الشعرية لكننا نستطيع أن نقول بأنها تشكل أحد أهم مكونات الخطاب الشعري لما لها من خصائص تعبيرية وجمالية توفراللذة للمتلقي وتضيئ جوانب التجربة الشعرية .ولعل خير ما نعرف به الصورة الشعرية من باب التبسيط هو التعريف التالي :الصورة الشعرية صياغة لغوية قائمة على أساس إقامة علاقة ممكنة بين شيئين أو أكثر .. ولطالما اعتمد الشعراء العرب القدامى على الصور البلاغية في تشكيل صورهم الشعرية فاحتفوا بالتشبيه والاستعارة والمجاز والكناية ، لكي يضيف الشعراء المعاصرون والمحدثون خصوصا أدوات جديدة تمثلت في الرمز والأسطورة .أدوات التصوير :- التشبيه .لنأخذ هذا البيت لامرئ القيس :وليل كموج البحر أرخى سدوله - - - - علي بأنواع الهموم ليبتليلنبدل الكاف الدالة على التشبيه بفعل يشبه فنقول :وليل يشبه موج البحر .الشاعر أقام علاقة مشابهة بين الليل وبين موج البحر.الليل مشبه وموج البحر مشبه به .العلاقة بين الليل وموج البحر هي كون كليهما يطبق من أعلى .الليل يطبق على الشاعر من أعلى كما يطبق الموج الذي يعلو ثم ينخفض .لنأخذ البيت التالي وهو لأبي العلاء المعري :كأن نجوم الليل زرق أسنة - - - - بها كل من فوق التراب طعين .هنا شبه أبو العلاء نجوم الليل بأسنة زرقاء ( أسنة = جمع سنان وهو مقدم الرمح ) .المشبه هو نجوم الليل والمشبه به هو الأسنة الزرقاء .والعلاقة الجامعة بينهما هي الفتك والطعن أما الأداة فهي كأن .ندرك من هنا أن التشبيه هو التمثيل لشيء بشيء ( وصف شيء بما يشبهه ) نظرا لوجود صفة أو صفات مشتركة بينهما ..وأن كل تشبيه يفترض أربعة أركان هي :المشبه ، المشبه به ، وجه الشبه ، أداة التشبيه .المشبه والمشبه به لا يمكن حذفهما أو الاستغناء عنهما ولذلك فهما ’’ طرفا التشبيه ‘‘ أما الأداة ووجه الشبه فيمكن الاستغناء عنهما .ومن المعلوم أن وجه الشبه هو الصفة المشتركة بين المشبه والمشبه به وهي تكون أقوى في المشبه به منها في المشبه وإلا لكان التشبيه مقلوبا كقولنا :البدر كالممدوح حسنا والبحر كالممدوح عطاء .إذ صفة الحسن ظاهرة في البدر أكثر من ظهورها في الممدوح وكذلك صفة العطاء .لنأخذ البيت التالي :أنت بدر حسنا وشمس علوا - - - وحسام حزما وبحر نوالا .لدينا المشبه وهو الممدوح الذي يدل عليه الضمير أنت . ، ولدينا المشبه به وهو متعدد : البدر ، الشمس ، الحسام والبحر .ونلاحظ أن الشاعر قد أثبت المشبه والمشبه به ووجه الشبه بينما أسقط الأداة .لنثبتها نحن :أنت كالبدر حسنا وكالشمس علوا وكالحسام عزما وكالبحر نوالا ( عطاء ) .لنسقطها ونسقط معها وجه الشبه :أنت البدر والشمس والحسام والبحر .ندرك أن التشبيه عدة أقسام بحسب ورود ركنيه ( الأداة ووجه الشبه ) وبحسب غيابهما .التشبيه التام : يشتمل على الأركان الأربعة كاملة .التشبيه المرسل : ما ذكرت فيه الأداة التشبيه المؤكد / ما حذفت منه الأداة التشبيه المفصل : ما ذكر فيه وجه الشبه التشبيه المجمل : ما حذف منه وجه الشبه التشبيه البيلغ : ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه .صور التشبيه :هناك التشبيه الصريح مثل :عذبة أنت كالطفولة كالأحلام ----- كاللحن كالصباح الجديدهناك التشبيه الضمني مثل : سيذكرني قومي إذا جد جدهم - - - وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر ( أبو فراس الحمداني ) .يشبه الشاعر نفسه بالبدر الذي سيفتقده قومه حين تضيق بهم الشبل ( جد جدهم ) .تقدير الكلام هو : سيذكرني قومي حين تضيق الحال بهم كما يذكر كل الناس البدر حين يظلم الليل .هناك أيضا التشبيه التمثيلي وهو تشبيه صورة بصورة وليس شيئا بشيء مثل :كأن مثار النقع فوق رؤوسنا - - - وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه شبه بشار بن برد الغبار المتطاير فوق الرؤوس في ساحة المعركة والسيوف تتحرك داخله بليل كواكبه تتساقط .فقد أقام علاقتي تشابه بين الغبار المتطاير وبين الليل من جهة ، وبين السيوف المتحركة وبين الكواكب المتساقطة من جهة أخرى .وهناك التشبيه الحسي أي تشبيه شيء محسوس بآخر محسوس مثل قول طرفة بن العبد :لخولة أطلال ببرقة ثهمد - - - - تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد .الأطلال محسوسة ( تدرك بواسطة الحواس خاصة حاسة البصر ) وكذلك الوشم الذي يعلو ظاهر اليد .وهناك التشبيه المعنوى المجرد مثل قول أحمد شوقي :وصفا لي ملاوة من شباب - - - صورت من تصورات ومس هنا شبه شوقي الفترة من الشباب وهي لا تدرك بواسطة الحواس بصورة ( وهم ) من الصور التي تتراءى للذي يعاني من عقدة التوهم .التشبيه إذن ظاهرة بلاغية قائمة على الربط بين شيئين أو أكثر بناء على صفة أو صفات مشتركة بينهما مما يعني أنه يقوم على علاقة المشابهة .. تكمن قيمة التشبيه في قدرته على التعبير عن التجربة الشعرية ولهذا فهو ليس مقصودا لذاته .