عصر الصورة : السلبيـات والايجابيــات

من طرف hajar bouchan السبت فبراير 16, 2013 3:32 pm

لم تعد الصورة تساوي الف كلمة فقط ، كما شاع عن المثل الصيني المشهور ، بل صارت الصورة في وقتنا الراهن بمليون كلمة ان لم تكن بملايين ، فقد أصبحت الصورة مرتبطة بكل جوانب حياة الانسان على نحو لم يسبق له مثيل ، وتلعب الصورة من خلال وسائل الميديا دورا أساسيا في تشكيل وعي الانسان سلبا أو ايجابا .
والصورة حاضرة في كل شيء ؛ في التربية والتعليم ، وفي السوق ، وفي الشارع ، وعبر وسائل الاعلام ، وفي قاعات العرض للأعمال السينمائية والمسرحية والتشكيلية ، وفي بطاقات الهوية واجهزة الكمبيوتر ، وعبر شبكة الانترنت والفضائيات والتليفونات المحمولة ، وفي ملاعب كرة القدم والتنس والمصارعة ، وفي العروض الفنية وفي صناعة النجوم في السينما والتلفزيون والرياضة والسياسة … الخ .
وتأتي أهمية كتاب ( عصر الصورة ) موضع الحديث من كون البحوث والدراسات العربية المتعلقة بالصورة قليلة جدا ، فمباحث الصورة في العالم العربي تعاني ضعفا شديدا بسبب هيمنة اللغوي على البصري ، وبسبب صعوبة تحديد المنهج المناسب لدراسة الصورة .

والكتاب مهم ايضا من جانب أن المؤلف لا يهتم بالصورة في معناها الخارجي فقط المرتبط بالادراك والرؤية ؛ أي ما يحدث أمامنا في أرض الواقع ، أو على شاشات التلفزيون والسينما وغيرها من المشاهد التي تتجلى فيها الصور وتتجسد وتتوالد وتضغط وتؤثر وتهيمن ، بل يهتم أيضا بوجودها الداخلي في حالات الصحة والمرض ، وفي حالات الخيال والذاكرة وأحلام اليقظة والهلوسة ، ويرى المؤلف أن هناك علاقة قوية جدا بين المعنى الخارجي والوجود الداخلي ، فالصور الخارجية مثل صور الفيديو والسينما والتلفزيون والكمبيوتر … الخ ليست صورا موجودة ما لم يدركها الانسان ويتفاعل معها ويتأثر بها سلبا أو ايجابا ، بمعنى أن امبراطورية الميديا مرهون بمدى تفاعل الانسان مع هذه الامبراطورية ، فالانسان هو الاساس ومن دون تفاعله مع وسائط الصورة لن يكون لهذه الوسائط وجودها المنشود .

وعلى العموم يناقش الكتاب المؤلف موضوع الصورة بالوصف والتفسير والتحليل والمناقشة للجوانب الايجابية المرتبطة بعالم الصورة في التربية والتعليم .. . الخ ، والجوانب السلبية المترتبة على حضور الصورة الجارف والمهيمن في عالمنا اليوم ، ومن ابرز المظاهر السلبية التي يذكرها الكتاب : هيمنة ثقافة المظهر والشكل والابهار واللمعان والاستعراض على حساب ثقافة الجوهر والمضمون والقيمة والعمق وهو ما ينتج عنه ما يمكن تسميته بصنمية الصورة .

ومن السليبيات الاخرى سيادة ثقافة الكثرة والاستهلاك والنقل والمحاكاة على حساب ثقافة الابداع ، وسيادة ثقافة صناعة النجوم بأساليب ملتوية أحيانا خاصة في بلادنا العربية ، ولعل ابشع سلبيات الصورة ما يسميه المؤلف ثقافة التكرار والنسخ للأغاني والافلام والألحان والبرامج التلفزيونة والمسلسلات والاعمال التشكيلية ، ويرى المؤلف أن ذلك يؤدي للسير باتجاه مضاد للتقدم والتجدد والابداع وتكريس الثقافة المستعارة والاستهلاك .

وقد توزعت هذه النقاشات والتحليلات على احد عشر فصلا عناوينها كما يلي : مقدمة في علم الصورة ، الصورة والمخ والتفكير ، وفلاسفة الصورة ، والدراسة النفسية للصورة ، والصورة في الادب ، والصورة في الفنون التشكيلية والصورة السينمائية ، والصورة وفنون الأداء والصورة والحالة الجسمية والنفسية للانسان ، والصورة في عصر العولمة .